17 - 07 - 2024

مؤشرات | رفح وتحديد مصير مواقف أمة

مؤشرات | رفح وتحديد مصير مواقف أمة

بدا لي أن تصريحات الرئيس الأمريكي، جو بايدن، حول الرئيس عبدالفتاح السيسي وما يحدث في قطاع غزة، والخطوات لعمليات إبادة بشرية في رفح، بغض النظر عن تفسيرها بأنها زلة لسان ما هي إلا تأييد فج للموقف الإسرائيلي الدموي تجاه الشعب الفلسطيني، بل ربما تأييد مغلف للعمليات العسكرية الإسرئيلية في غزة، وما تخطط له الصهيونية من عمليات أخرى في رفح.

وفي جانب منها هو إستغلال للموقف العربي والدولي (المائع) تجاه ما يتعرض له أهلنا في فلسطين من إبادة بشرية وإقتصادية ولكل مقومات الحياة في الأراضي الفلسطينية، فمن الواضح أن إسرائيل تستغل وتوظف كل المواقف الدولية لصالحها، وتضرب عرض الحائط بأية مواقف أخرى، لأنها تدرك أن المواقف لا تخرج عن إطار الإدانة والتنديد، ولن يكون هناك مواقف رادعة لهذا العدوان النازي الذي يقوم به الجيش الصهيوني المحتل.

ومن حالات الإسفاف الأمريكي على لسان "بايدن" في فيديو منشور على الصفحة الرسمية للبيت الأبيض على منصة أكس (تويتر سابقا)، ورغم ما تلاها من كلمات عن الضغط على إسرائيل (بنيامين نتنياهو)، .. ما قاله عن بايدن عن مصر وتحديدا عن الرئيس السيسي: "كما تعلمون مبدئيا رئيس المكسيك، السيسي لم يرد فتح الأبواب للسماح بالمساعدات الإنسانية بالدخول أنا تحدثت إليه وأنا أقنعته بفتح البوابات".

أعتقد أن كلمات مثل تلك لا تليق، وإنها تخرج إما عن معتوه، أو بقصد ومحدد هدفها، وفي محاولة للخروج من مأزق أمريكي تعيشه إدارة بايدن، ولإلقاء المسؤولية وتصدير الأزمة إلى أطراف أخرى، ومصر بالتحديد.

بل جاء الجزء الثاني من كلمات "بايدن" باهتا، ولا يحمل أي معنى أو أي موقف، حيث يقول عن الموقف الصهيوني، "تحدثت مع بيبي (بنيامين نتنياهو) على الجانب الإسرائيلي وكنت أدفع بقوة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وهناك الكثير من الناس الأبرياء يتضورون جوعا، الكثير من الناس الأبرياء في مشكلة ويموتون وهذا يجب أن يتوقف".

هذا الرد يكشف حجم الضعف الأمريكي وربما التأييد الأمريكي المستتر والمعلن، حيث لم تستخدم واشنطن قوتها وعلاقتها بإسرائيل ونفوذها على تل أبيب لوقف العدوان على الشعب الفلسطيني،  وهو ما ترى مصر بأنه ليس وجود على الواقع.

وعرى الرد المصري، على تصريحات بايدن، الموقف الأمريكي المتخاذل في تنفيذ أي شئ على الأرض، حيث أكد على أن موقف ودور القاهرة فى إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع وإغاثة الأشقاء الفلسطينيين، تمثل في فتح معبر رفح منذ اللحظة الأولى وبدون قيود أو شروط ، وقامت مصر بحشد مساعدات إنسانية بأحجام كبيرة، سواء من الداخل المصري أو من خلال جميع دول العالم التي قامت بإرسال مساعدات إلى مطار العريش.

كما  ضغطت مصر بشدة على جميع الأطراف المعنية لإنفاذ دخول هذه المساعدات إلى القطاع، إلا أن استمرار قصف الجانب الفلسطيني من المعبر من قبل إسرائيل، الذي تكرر أربع مرات، حال دون إدخال المساعدات، وأنه بمجرد انتهاء قصف الجانب الآخر من المعبر قامت مصر بإعادة تأهيله على الفور، وإجراء التعديلات الفنية اللازمة، بما يسمح بإدخال أكبر قدر من المساعدات لإغاثة أهالي القطاع.

والسؤال هنا لماذا يتعمد بايدن تجاهل ما تؤكد عليه مصر بوجود توافق  في المواقف واستمرار العمل المشترك والتعاون المكثف بين مصر والولايات المتحدة بشأن التوصل لتهدئة في قطاع غزة، والعمل لوقف إطلاق النار وإنفاذ الهدن الإنسانية وإدخال المساعدات الإنسانية بالكميات والسرعة اللازمة لإغاثة أهالي القطاع، ورفض التهجير القسري، والتوافق بينهما، بشأن العمل على إرساء وترسيخ السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

من الواضح أن الموقف الأمريكي سلبي جدًا حول ما يجري من تدمير وإبادة، للشعب الفلسطيني، بل رسالة تأييد واضحة، لدعم هذا العدوان، ومحاولات مستمية لكسب الوقت لتنفيذ أكبر إبادة يشهدها التاريخ لشعب أعزل وبأسلحة وأموال أمريكية، بل وتدريب وتقديم الخبرات والسلاح لإستكمال المخطط الصهيوني للتهجير القسري لشعب فلسطين خارج أراضيه، وهو ما ترفضه مصر، وسيظل موقفا ثابتا، حتى لو كان الأمر يتطلب التضحية بإتفاقية السلام وما تلاها من إتفاقيات أخرى، والتي كانت وبالاً للخراب على المنطقة، وفتح الطريق إلى ما نحن نعيشة الآن، بإستغلال دقيق من جانب الصهاينة من أجل تصفية قضية العرب والأمة، في فلسطين.

الأيام القادمة كاشفة لوضع نهاية للمواقف العربية، ومدى إتساقها مع واقع مؤلم، يتعرض من خلاله شعب للإبادة وبلا عودة، .. وستكون رفح هي مربط الفرس في هذا الملف الأهم في تاريخ الأمة.
---------------------------
بقلم: محمود الحضري


مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | أفسحوا المجال للإبداع والإبتكار عربيًا